عادات وتقاليد الأمازيغ في عيد الاظحى
على غرار التقليد المشهور مسح جلد الخروف بالوجه الذي يمتاز به الأمازيغ عن باقي الأمم و رمزيته التاريخية، يشتهر الأمازيغ بأكلات شعبية تميز هذا اليوم احتفالا و فرحا به.
طاجين البولفاف و المسلان عند الأمازيغ:
وتحرص الأمازيغيات اللواتي ورثن هذه العادة عن الجدات والأمهات أن تصنعن فرحة الكبار والصغار بهذين الطبقين التقليديين اللذين لا تحلو مناسبة عيد الأضحى دونهما بالجهة.
وجرت العادة أن يتم تحضير "البولفاف" في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك فيما يحضر المسلان في اليوم الثاني على أن تجتمع العائلة الصغيرة وأحيانا الكبيرة لتناول الطبقين في أجواء بهيجة.
ويدخل كبد الأضحية كمادة أساسية في تحضير "البولفاف"، حيث يلف بطبقة رقيقة وشفافة من الشحم الطازج الطري الذي يغلف أحشاء الخروف أو الدوارة والذي تحرص ربات البيوت على نزعه بعناية كبيرة حتى لا يتمزق.
ويكمن سر نجاح هذه الأكلة التي يشتهيها الأوراسيون حسب في تمرير الكبد الذي يقطع إلى شرائح على الجمر ليصبح متماسكا ويمكن حينها تقطيعه إلى مربعات تلف كل واحدة بإحكام بقطعة من الشحم الذي يعطيه نكهة خاصة بعد أن يطهى.
أن البولفاف قديما كان يحضر بتوابل بسيطة تتمثل في قليل من مسحوق الفلفل الأحمر والثوم إلى جانب الملح التي تنكه بها قطع الكبد قبل أن توضع في الشحم لكن اليوم يحضرن الطبق بتوابل متنوعة منها الكمون والفلفل الأسود وأعشاب عطرية أخرى تعطي للأكلة مذاقا مميزا ولكل واحدة منهن طريقتها الخاصة في جعله يختلف في المذاق فقط عن ما تقدمه الأخريات لكن يبقى "البولفاف" نفسه شكلا ومضمونا".
أن "البولفاف الذي أخذ تسميته من لف قطعة من الكبد بقطعة من الشحم يتطلب من ربة البيت تحضيره بمجرد استخراج أحشاء الخروف حتى لا تجف قطعة الشحم الرقيقة التي تحيط بها لأن بقاءها ندية يسهل عملية اللف وكذا سرعة طهي البولفاف التي لا تكون إلا على الجمر".
طبق البوزلوف والبربوشة بالمسلان يزينان الموائد
تلتزم العائلات الأوراسية بالتحديد، بالحفاظ على عاداتها الغذائية رغم كون أغلبها غير صحي ولا ينصح به الأطباء خاصة خلال أيام العيد الأولى بسبب احتمالات تسببه في مضاعفات صحية جانبية من تخمة وغيرها، إلا أن “الوفاء” لتاريخ الأجداد أن الأمر لا يكون اعتباطيا بل يتم وفق تسلسل مضبوط، وصارم مع احترام شديد للمقادير الخاصة بالتحضير وبرمجة كل وجبة على حدى، وفي وقت خاص منذ أول الغذاء في العيد إلى غاية نهاية الأسبوع.
لا تكاد تخلو موائد الأمازيغ الأوراسية بباتنة، أو قالمية أو خنشلية أو غيرها من مدن الأوراس خاصة والشرق الجزائري عامة، من قائمة طعام تقليدي مائتين بالمائة كطبق البوزلوف والدوارة والبولفاف، وتعتبر الكبد وبوزلوف بنة العيد ـ حسبها ـ على الرغم من الإرهاق الذي يتسبّب فيه تحضيرها إلا أن متعة ذلك لا تقدر بثمن.
ومن الأكلات المفضلة طبق الكبد المقلي فهو الذي يجمع شمل أفراد العائلة في أول غداء ليوم العيد، بعد نحر الأضحية حيث يشارك الجميع في تناول هذا الطبق ويليه طبق “البولفاف” الساحر والذي يتكوّن من قطع مربعة من كبد الخروف تلف بقطع أخرى رقيقة من الشحم على طريقة الشواء ويتم وضعها فوق الجمر لتطهى تحت نار هادئة كي لا تحترق وتقدم بعدها لأفراد العائلة الذين يبدأ بتناولها “السباق” بينهم حول من يستحق أن ينال نصيبا إضافيا من هذا الطبق “الفاخر”، ويسمى بولفاف من لف الكبد بشحم الأضحية، حيث يفوز دائما رب الأسرة بكمية أخرى كونه ادخل الفرحة إلى قلوب العائلة باقتناء الأضحية .
بعد أن ينتهي دور الرجال في ذبح الأضحية وسلخها يأتي دور النساء التي تتمتع بصلاحيات غير محدودة خلال الأيام الأولى للعيد، من تنظيف لأحشاء الأضحية وتشواط البوزلوف فلا يكاد يخلو منزل من المنازل من رائحة هذا الأخير خلال يوم العيد، ويتم تنظيفه على النار وإزالة الصوف، ثم يغسل بعناية ويقطع أطرافا مختلفة ويتم تغليته حتى يطبخ وبعدها هناك من يعيد إدخاله للفرن بعد تتبيله بتوابل خاصة جدا به، وتتلف هنا العائلات في طهيه فمنها من تفضل إضافة مرق وتناوله لتكون بذلك وجبة العشاء دسمة بامتياز.
أما المسلان أو الكتف فهو طبق لازم العائلة الأوراسية منذ القدم، حيث يطبخ في غداء ثاني أيام العيد مع الكسكسى المعروف محليا بـ«البربوشة” بشرط أن تكون مصنوعة في المنزل ورقيقة ويعكس الطبق إحدى أهم العادات، ونشير أن تواجد هاته الأطباق لا يعني حرمان أفراد العائلة من ممارسة هوايتهم المفضلة في الأكل وهي الشواء، بل تحضر للعائلة والضيوف ويرسل منها للجيران مع صناعة طبق الشواء للراغبين فيه خاصة الشباب.
لا تنازل عن القديد أو “لخليع”
تعد العادات الغذائية والتقاليد الاجتماعية الأمازيغية جزءا لا يتجزأ من عيد الجزائريين، خصوصا بالنسبة للأمهات، اللائي يرفضن تغييرها، حيث ما تزال الأمهات تحافظ على عادة تجفيف جزء من لحم الأضحية والمعروف محليا بـ«لخليع” أو القديد والذي يترك لعيد عاشوراء أو لليالي الشتاء القارص، حيث “تستنجد” به الأمهات لطبخ طبق العيش أو البربوشة كما يستعل لعلاج الزكام ورائحته أثناء الطهي لا يقاومها أي أحد.
وعن طريقة تحضيره يأخذ قطع لحم مخلطة بالشحم نشرحها ونملحها جيدا ثم نتركها نصف يوم حتى يطلق اللحم الماء ونعلقه في مكان بعيد عن الشمس ونتركه بعدها لمدة 15 إلى 20 يوما، ثم يحفظ في مكان بارد ويستعمل وقت الحاجة. وتحضر الأكلات التقليدية بالقديد لإكرام الضيوف وهو الطبق الوحيد الذي يجتمع فيه عاملا الكم والذوق.
ورغم نصائح الأطباء بتوخي الحيطة والحذر في تناول هاته الأطباق “الثقيلة” على المعدة خلال أيام العيد، يصرّ الجزائريون على الحفاظ على تقاليدهم ونقلها لأبنائهم على مرّ الأزمان.
إرسال تعليق