استرجعت تلمسان


استرجعت تلمسان
محارب مريني رماة السهام القرن 11 م



ابو حمو موسى الزياني

هو أبو حمّو موسى بن أبي يعقوب، وينتهي نسبه إلى إيغمراسن مؤسس الدولة الزيانية الامازيغية ، ولد سنة 723 للهجرة في غرناطة، وتلقى تعليمه الأولي ف مسقط رأسه، ثم ارتحل إلى تلمسان صحبة والدة بدعوة من حاكمها أبي تاشفين الأول، وواصل تحصيل العلم فيها وعندما بلغ الرابعة عشر من عمره استولى المرينيون على تلمسان، فاضطر إلى الخروج مع أهله إلى ندرومة، حيث ارتحل من بعد إلى تونس الحفصية، ثم قفل راجعا إلى منطقة الزاب واستجمع جيشا من قبائل الدّواودة، وحرر تلمسان من سيطرة المرينيين، وبذلك أحيا مجد الدولة الزناتية من جديد سنة 760 للهجرة. كان لأبي حمو آثار فكرية ينم عن سعة اطلاعه، كقرضه الشعر في مدح المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وكذا كتاب في توصية ابنه وأهل بلاطه تحت عنوان "واسطة السلوك في سياسة الملوك". وقد ازدهرت الدولة الزيانية في عهده في جميع المجالات خاصة في المجال العسكريّ، إذ تمكن من تكوين جيش قوي يحمي تلمسان عدت حاضرة المغرب في تلك الفترة، كما أقام علاقات مع بلاد الأندلس ، وساند ملوك الطوائف فيها بالأموال والغذاء، ومما اشتهر به أن بلاطه كان قبلة للشعراء والمؤرخين والعلماء ومن أهمهم يحي بن خلدون أخو عبد الرحمان . وكانت وفاته على يد ابنه أبي تاشفين الذي ثار عليه بسبب الحكم وقتله بعد صراعات دامية، وكان هذا سنة 790 للهجرة.

الخبر عن دولة السلطان أبي حمو الأخير مديل الدولة بتلمسان

في الكرة الثالثة لقومه وشرح ما كان فيها من الأحداث لهذا العهد ، كان يوسف بن عبد الرحمن هذا في إيالة أخين السلطان أبي سعيد بتلمسان هو و ولده أبو حمو موسى وكان متكاسلاً عن مراتب الظهور متجافيًا عن التهالك في طلب العز جانحاً إلى السكون ومذاهب أهل الخير‏. ‏حتى إذا عصفت بدولتهم رياح بني مرين وتغلب السلطان أبو عنان عليهم وابتزهم ما كان بأيديهم من الملك وخلص ابنه أبوحمو موسى مع عمه أبي ثابت إلى الشرق وقذفت النوى بيوسف مع أشراف قومه إلى المغرب فاستقر به‏.‏ولما تقبض على أبي ثابت بوطن بجاية أغفل أمر أبي حمومن بينهم ونبت عنه العيون فنجا إلى بلاد تونس ونزل بها على الحاجب أبو محمد بن تافراكين فأكرم نزله وأحله بمكان أعياص الملوك من مجلس سلطانه ووفر جرايته ونظم معه آخرين من فل قومه‏.‏وأوعز السلطان أبو عنان إليه بانزعاجهم عن قرارهم في دولته فحمي لها أنفه وأبى عن الهضيمة لسلطانه فأغرى ذلك السلطان أبا عنان بمطالبته‏.‏وكانت حركته إلى إفريقية ومنابذة العرب من رياح وسليم لعهده ونقضهم لطاعته كما نستوفي في ولما كانت سنة تسع وخمسين قبل مهلكه اجتمع أمراء الدواودة من رياح إلى الحاجب أبا محمد بن تافراكين ورغبوه في لحاق أبي حمو موسى بن يوسف بالمغرب من غربته وأنهم ركابه لذلك ليجلب على نواحي تلمسان ويحصل للسلطان أبي عنان شغلاً عنهم‏.‏وسألوه أن يجهز عليه ببعض آلة السلطان‏.‏ووافق ذلك رغبة صغير بن عامر أمير زغبة في هذا الشأن وكان يومئذ في أحياء يعقوب بن علي وجواره فأصلح امر الموحدون شأنه بما قدروا عليه ودفعوه إلى مصاحبة صغير وقومه من بني عامر‏.‏وارتحل معهم من الدواودة عثمان بن سباع ومن أحلافهم بني سعيد دعار بن عيسى بن رحاب وقومه ونهضوا بجموعهم يريدون تلمسان وأخذوا على القفر‏.‏ولقيهم أثناء طريقهم الخبر عن مهلك السلطان أبي عنان فقويت عزائمهم على ارتجاع ملكهم ورجع عنهم صولة بن يعقوب‏.‏وأغذ السير إلى تلمسان وبها الكتائب المجفرة من بني مرين‏.‏واتصل خبر أبي حمو بالوزير الحسن من عمر القائم بالدولة من بعد مهلك السلطان أبي عنان والمتغلب على ولده السعيد الخليفة من بعده فجهز المدد إلى تلمسان من الحامية والأموال‏.‏ونهض أولياء الدولة من أولاد عريف بن يحيى أمراء البدو من العرب في قومهم من سويد ومن إليهم من العرب لمدافعة السلطان أبي حمو وأشياعه فانفض جمعهم وغلبوا على تلك الموطن‏.‏واحتل السلطان أبو حمو وجموعه بساحة تلمسان وأناخوا ركائبهم عليها ونازلوها ثلاثاً ثم اقتحموها في صبيحة الرابعة‏.‏وخرج ابن السلطان أبي عنان الذي كان أميراً عليها في لمة من قومه فنزل على صغير بن عامرأمير القوم فأحسن تجلته وأصحبه من عشيرته إلى حضرة أبيه‏.‏ودخل السلطان - أبو حمو إلى تلمسان يوم الأربعاء لثمان خلون من ربيع الأول سنة ستين واحتل منها بقصر ملكه واقتعد أريكته وبويع بيعة الخلافة‏.‏ورجع إلى النظر في تمهيد جوانب ملكه وأخرج بني مرين عن أمصار مملكته‏.‏


استرجعت تلمسان
البحرية الزناتية



  الخبر عن إجفال أبي حمو عن تلمسان أمام عساكر المغرب ثم عوده إليها

كان القائم بأمر المغرب من بعد السلطان أبي عنان وزيره الحسن بن عمر كافل ابنه السعيد أخذ له البيعة على الناس فاستبد عليه وملك أمره وجرى على سياسة السلطان الهالك واقتفى أثره في الممالك الدانية والقاصية في الحماية والنظر لهم و عليهم ولما اتصل به خبر تلمسان وتغلب أبي حمو عليها قام في ركائبه وشاور الملأ في النهوض إليه فأشاروا عليه بالقعود وتسريح الجنود والعساكر‏.‏فسرح لها ابن عمه مسعود بن رخو بن علي بن عيسى بن ماساي من بني فردود وحكمه في اختيار الرجال واستجادة السلاح وبذل الأموال واتخاذ الآلة فزحف إلى تلمسان‏.‏واتصل الخبر عن أبي حمو وأشياعه من بني عامر فأفرج عنها ولحق به بالصحراء‏.‏ودخل الوزير مسعود بن رحو تلمسان وخالفه السلطان أبو حمو إلى المغرب فنزل ببسيط أنكاد‏.‏وسرح إليهم الوزير مسعود بن رحو ابن عمه عامر بن عبو بن ماساي في عسكر من كتائبه ووجوه قومه فأوقع بهم العرب وأبو حمو ومن معهم واستباحوهم‏.‏وطار الخبر إلى تلمسان واختلفت أهواء من كان بها من بني مرين‏.‏وبدا ما كان في قلوبهم من المرض لتغلب بن عمر على سلطانهم ودولتهم فتحيزوا زرافات لمبايعة بعض الأعياص من آل عبد الحق‏.‏وفطن الوزير مسعود بن رحو لما دبروه وكان في قلبه مرض من ذلك فاغتنمها وبايع لمنصور بن سليمان بن منصور بن عبد الواحد بن يعقوب بن عبد الحق كبير الأعياص المنفرد بالتجلة‏.‏وارتحل به وبقومه من بني مرين الزناتيين إلى المغرب وتجافى عن تلمسان وشأنها واعترضهم عرب المعقل في طريقهم إلى المغرب فأوقع بهم بنو مرين وصمموا لطيتهم‏.‏ورجع السلطان أبو حمو إلى تلمسان واستقر بحضرته ودار ملكه‏.‏ولحق به عبد الله بن مسلم فاستوزره واستنام إليه فاشتد به أزره وغلب على دولته كما نذكره إلى أن هلك‏.‏والبقاء لله وحده‏.‏

 الخبرعن عودة السلطان أبي حمو الأخير إلى تلمسان الكرة الثالثة لبني عبد الواد في الملك

لما هلك السلطان عبد العزيزرحمه الله ورجع بنو مرين إلى المغرب نصبوا من أعياص بني يغمراسن لمدافعة أبي حمو من بعدهم عن تلمسان إبراهيم ابن السلطان أبي تاشفين كان ناشئاً بدولتهم منذ مهلك أبيه‏.‏وتسلل من جملتهم عطية بن موسى مولى السلطان أبي حمو وخالفهم إلى البلد غداة رحيلهم فقام بدعوة مولاه‏.‏ودافع إبراهيم بن تاشفين عن مرامه وبلغ الخبرإلى أولياء السلطان أبي حمو من عرب المعقل أولاد يغمور بن عبيد الله فطيروا إليه النحيب على حين غلب عليه اليأس‏.‏وأجمع الرحلة إلى بلاد السودان لما بلغه من اجتماع العرب للحركة عليه كما قلناه فأغذ السير من مطرح اغترابه‏.‏وسابقه ابنه ولي عهده في قومه عبد الرحمن أبو تاشفين مع ظهيرهم عبد الله بن صغير فدخلوا إلى البلد‏.‏وتلاهم السلطان لرابعة من دخولهم وعاود سلطانه واقتعد أريكته وكانت إحدى الغرائب‏.‏وتقبض ساعتئذ على وزرائه اتهمهم بمداخلة خالد بن عامر فيما نقض من عهده وظاهر عليه عدوه فأودعهم السجن وذبحهم ليومهم حنقاً عليهم‏.‏واستحكمت لها نفرة خالد وعشيره وخلصت ولاية أولاد عريف بن يحيى لمنافرة بني عامر إياه وإقبال السلطان عبد العزيز عليه‏.‏ووثق بمكان ونزمار كبيرهم في تسكين عادية ملوك العرب عنه ورجع إلى تمهيد وطنه‏.‏وكان بنو مرين عند انفضاضهم إلى مغربهم قد نصبوا من أقيال مغراوة ثم من بني منديل علي ين هارون بن ثابت بن منديل وبعثوه إلى شلف مزاحمة للسلطان أبي حمو ونقضاً لأطراف ملكه‏.‏وأجلب أبو زيان ابن عمه على بلاد حصين فكان من اخباره ما حصل .


استرجعت تلمسان
3.مقاتل مريني القرن القرن 16-15 م


شعر ابو حمو موسى الزياني

وجبت الفيافـي بلدة بعد بلــدة                      وطوعت فيها كل باغ و باغم
مكر بيوم الحرب لا يشتكي الوني                مفر إذا طالت عظـام الهزائم
 
في هذين البيتين نلاحظ توجه الشاعر الى ضمير المتكلم ( انا ) ، و كانه بطل فرد يقود جماعة و هذه سمات قديمة للبطل الاسطزري فهو بطل فردي ، كاوديسيوس و اوديسية هوميروس و اغاممنون في الالياذة الذين حققا البطولة الفردية الاسطورية فهنا البطل عندنا وصف البطولة الملاحمية .

كما نجد في النص تطورا للاحداث و الواقائع الملحمية المرتبطة ببطولة السلطان الفاتح و انجازاته :
نطارد فيها الخيل بالخيل مثلها                 فكان على الاعداء كنز الهزاعـم
حملنا عليهـم حملة مضريـة                    فولـوا شرادا مثل جفـل النعائـم
فكانوا إلى الطير الغشيم فرائسا               وكانت على الاعداء شؤم الذمأئـم
 انه تصوير لرائع لوقائع الحرب و نتائجها و ليست ببعيدة عن الالياذة حيث الكر و الفر و النزال و القتلى تركوا فرائسا للسباع و الوحوش .
و ما نلاحظه ايضا تلك البطزلات المتوالية و التي تكشف عنها الصعوبات و العراقيل التي يتعرض لهل البطل ، و هي بمثابة ترشيحية تكشف عن المعدن و الاحقية للسلطان في البطولة للملحمة ونجد مايشبهها في الاساطير الملحمية ، حين تعترض الجن و المصائب البطل الاسطوري فتعرقل سيره و تكشف في الوقت نفسه عن مقدرته في تخطي الصعوبات ، و الاهوال فانياس تعترضه الرياح و عواصف البحر التي يزعم والعياذ بالله انها من زوجة جوبيتر و لكنه يراوغها و يواصل بطولاته  ، و هكذا نجده ينتصر في مرحلة ثم تاتيه محن في التالية فلا تذوم الفرحة بالنصر :

 وهبت رياح النصر من كل جانب            وجاءت إلينا مبهجات الغنائم
 ولما قضينا الامر في الحرب منهم          رحلنا بعون الله نحو المعالم
 ولكن سرعان ما تلوح يف األفق زلطة أخرى للحرب و النزال، لتدلك على أن رحلة البطل مليئة
بالمتاعب غنية المكاره ، تشرط الحذر و اليقظة و الصلابة معا :
درجنا إلى درج و الحت بشائـر             بهلك الاعادي الناعسين الاشائـم
الا أيها الناعي البشير الذي نعـى          أمير مرين حزت أسنى المقاسـم
لـقد قرب الله البعيـد بهلكـه                فبشراك بالخيرات يا خير قــادم
وصارت أسود الغاب تأتي مطيعة         وعادت لنا الايـام مثل المواسـم
وعجبنا و عرجنا على واد يشـر          وجزنا المخاض كالليوث الضراغم
 ومن مميزات الاشعار الملحمية تعداد وسائل الحرب و ذكر خطوبها و تقريب الصورة الى الناس ، فتذكر زمن الحركة و التقدم و توصف الرايات المنشورة و الرصوص المقاتلة ، و حالة العدو و تعرف السيوف و نو عيتها و لاينسى فنون المبارزة و القتال :

كررنا عليهـم كرة بعـد كرة              وقد سعرت للحرب نيران جاحـم
بضرب يزيل الهام عن مسقره          وطعن مضى بين الكلى و الحيازم
 
ولا ينسى ذكر نتائج تلك الملحمة :
فهذا أسير صفدتو يد الوغـى           وهذا قتيل في عجـاج المصـادم
 و في النهاية و بعد تلك المعاناة و المواجهات الملحمية يصل الملحمي البطل الى مبتغاه و يرد من عين النصر:
دخلت تلمسـان التي كنت أرتجي      كما ذكرت في الجفر أهل الملاحـم
فخلصـت من غصابها دار ملكـنا      وطهرتهـا من كـل باغ و جـارم 
فصارت ملوك الارض تأتي مطيعة  إلى بابنا تبغـي التماس المكــارم
 في هاته الابيات التالية يروي الفاتح البطل خصاله في السياسة بعد اقتناصها من الغاصبين ، و العدة الى الدين و نصرة الاسلام فكما في الاساطير فانهم لا يخرجون عن معتقداتهم الدينية و تقديم القرابين بعد النصر ، و العودة الى ارض الوطن يقدم الملك قرباته الى الله عز و جل بخدمة ذينه و حمده و الصلاة على نبيه المصطفى صلى الله عليه و سلم .

فقمنا بأمر الله في نصر دينه       وفي كف ما قد أحدثوا من مظالم
فلله منا الحمد و الشكر دائما      وصلى على المختار من آل هاشم

1* اكتشاف معطيات النص :

  • - يفتخر الشاعر بقوة جيشه و بنفسه ( نلاحظ في القصيدة اعتزاز الشاعر بنفسه و الافتخار بشجاعته ) .
  • -وقعت المعركة في تلمسان و الدافع اليها هو اسيلاء بي مرين عليها سنة 753 ه و استرجعها ابو حمو سنة 760 ه
  • - رفض الشاعر الصلح مع المرينيين بسبب نقضهم الصلح و اغتصابهم لمدينة تلمسان،  و ايضا لتاكدهم من قوة جيش الزيانيين ( و بهذه الحلة ارادوا المماطلة لاستجماع قواتهم و الكر مرة اخرى ) .
  • -دخل الاعر مكللا تلمسان بالنصر الساحق على بني مرين الزناتيين . 

2* مناقشة معطيات النص :

  • -الشاعر يبالغ في الفخر في البيتين الاول و الثاني لانه معتز بمكانته البدوية فهو كان قائد معركة و بفضل حنكته تغلب على اعداءه .
  • - العبارة الدالة على نفي الشاعر عن نفسه المظالم و العدةان ( وقد ظلموا عهدا و لست بظالم ) .
  • - بالغ الشاعر في الفخر لانه يصف البطولات و غمرات الحروب و المعارك ، و كيف اخضع بني مرين و استرجع المدينة .
  • - خص الشاعر نسور القشاعم دون غيرها في البيت الخامس لان الطيور الجارحة لما تبلغ لا تاسر  بل تنتحر ولا يهمها موقف موتها .

3* مناقشة بناء النص :

  • -لقد استعان الشاعر في هذه القصيدة بالنمط الوصفي اضافة الى السرد .
  • من خصائصه كثرة التشبيهات (البيتين الرابع و السابع ) .
  • من خصائص السرد استعمال عبارات تساعد على تبيان تسلسل الاحداث ( ادوات الربط , الافعال الماضية ).
  • وقد ظهر الوصف في وصف اجواء الحرب و نقل الاحداث و التالي في سرد الاحداث و الربط بينها .
  • -الكلمات التي توجد بقوة في الصراع الزياني المريني ;
  • (وصفوا صفوفا ثم صفت صفوفنا -جزنا المخاض - كررنا كرة بعد كرة - سعرت - تضرم الحرب - تساقط الابدان تحت الجماجم ) .

4* تفحص مظاهر الاتساق و الانسجام في النص :

  • - استعمال الشاعر ضمير المتكلم و المتكلمين لانه بصدد الانتصار لنفسه و جيشه ، ( جبت - طوعت-حملنا - كررنا ) و هو ما اضمى على القصيدة انسحاما و اتساقا و زادت في احكام وحدة القصيدة الموضوعية .




Post a Comment

أحدث أقدم

بحث هذه المدونة الإلكترونية